لم يري للمتحابين إلا النكاح

 ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: {لم ير للمتحابين مثل النكاح}. وهذاالحديث موجود  في صحيح ابن ماجه وفي السلسلة الصحيحة لفضيلة الشيخ الألبانيرحمهم الله، وقد سمعت مقطعاً صوتياً لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه اللهحيث قال فيه إنه حديث ضعيف، ثم إنه مذكور في الفتوي  رقم: 19826، بأن الراجح هوجواز العمل بالحديث الضعيف إذا توفرت فيه عدة شروط.

والسؤال هنا لو افترضنا أنه حديث ضعيف، هل يمكن الأخذ به؟ بمعنى آخر، هل تتحققفيه الشروط الأربعة اللازمة للأخذ بالحديث الضعيف؟

وبشكل عام، ما هو موقف الأمة (علماء أو غيرهم) من الحديث الذي اختلف فيه العلماءفمنهم من قال إنه صحيح ومنهم من قال إنه ضعيف؟



 فهذا الحديث صححه الشيخ الألباني في العديد من كتبه، ومنها صحيح سنن ابن ماجه،وصحيح الجامع، وتتبع مجموع طرقه في السلسلة الصحيحة، وذكر الشيخ ابن عثيمينفي لقاء الباب المفتوح أنه قد ضُعِفوبخصوص موقف المسلم من اختلاف العلماء فيتصحيح حديث أو تضعيفه راجع الفتوى رقم: 259063.

وعلى فرض كونه ضعيفا فمعناه صحيح، وواقع الناس العمل به، ولذا قال الشيخ ابنعثيمين بعد أن أشار إلى ضعفه: لكنه من الناحية الطبيعية أنه إذا قُدر أن يكون بين الرجلوبين امرأة من الناس محبة؛ فإن أكبر ما يدفع الفتنة والفاحشة أن يتزوجها؛ لأنه سوفيبقى قلبه معلقاً بها إن لم يتزوجها، وكذلك هي، فربما تحصل فتنة، قد يسمع إنسان عنامرأة بأنها ذات خلق فاضل وذات علم فيرغب أن يتزوجها، وكذلك هي تسمع عن هذاالرجل بأنه ذو خلق فاضل وعلم ودين فترغبه، لكن التواصل بين المتحابين على غير الوجهالشرعي هذا هو البلاء، وهو قطع الأعناق وقصم الظهور، فلا يحل في هذه الحال أنيتصل الرجل بالمرأة، والمرأة بالرجلويقول: إنه يرغب في زواجها خوفاً من الفتنة، وإلافالأصل أنه لو حصل أن المرأة تخبر وليها أنها تريد فلاناً مثلاً فيتصل به كما فعل عمر ـرضي الله عنه ـ حينما عرض ابنته حفصة على أبي بكر وعلى عثمان رضي الله عنه، وأماأن تقوم المرأة مباشرة بالاتصال بالرجل فهذا محل الفتنةاهـوهذا المحذور الذي ذكرهوالمتعلق بتجاوز حدود الله تعالى بين المتحابين مما ينبغي التنبه له

وهذا الحديث لايدخل في أحاديث فضائل الأعمال بالمعنى الذي ذكره العلماء، إذالمقصود بها أحاديث الترغيب والترهيب، والتي رتب الشرع عليها ثوابا أو عقابا،وراجع الفتوى رقم: 235555، وهذا الحديث معناه كما قال المناوي في فيضالقدير: أي إذا نظر رجل لأجنبية وأخذت بمجامع قلبه فنكاحها يورثه مزيد المحبة كذاذكره الطيبي، وأفصح منه قول بعض الأكابر المراد أن أعظم الأدوية التي يعالج بهاالعشق النكاح فهو علاجه الذي لا يعدل عنه لغيره ما وجد إليه سبيلا، وهذا هوالمعنى الذي أشار إليه سبحانه عقب إحلال النساء حرائرهن وإمائهن عند الحاجةبقوله: (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا) فذكر تخفيفه سبحانه فيهذا الموضع وإخباره عن ضعف الإنسان يدل على ضعفه عن احتمال هذه الشهوة،وأنه سبحانه خفف عنه أمرها بما أباحه له من أطايب النساء، وبهذا التقدير استبانأن حمل الدميري الخبر على ما إذا قصد خطبة امرأة ورآها وأحبها تسن المبادرةبتزويجها هلهل بالمرة... اهـ.

  وأخذك هذا الحديث معك عند الكلام إلى ولي الفتاة إن كنت تقصد به الذهاب إليهعملا بهذا الحديث فلا بأس بذلك، وإن كنت تقصد أن تذكره له فقد لا يستحسن في بعضالمجتمعات الإخبار عن حب الفتاة، بل قد يؤدي إلى عكس المقصود بأن يرفض ولي الفتاةتزويجها لمن جاء يخطبها وأخبر أنه يحبها، فتنبه لهذا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وجوب الغسل علي المرأة بخروج المني منها

هل يجب الغسل من السائل الخارج من المرأة بعد المداعبة

فقر الدم " الأنيميا "