معنى السكينة

معنى السَّكينةِ:

السَّكينةُ لُغةً: مِنَ السُّكونِ، وهو ضِدُّ الحركةِ؛ سَكَنَ الشَّيءُ: إذا ذهبَتْ حرَكتُه  .السَّكينةُ اصطلاحًا: الطُّمَأنينةُ والوَقارُ الَّذي يُنزلُه اللهُ في قلبِ عَبدِه عِندَ اضطرابِه مِن شدَّةِ المَخاوِفِ، فلا يَنزعِجُ بعد ذلك لِما يَرِدُ عليه، ويوجِبُ له زيادةَ الإيمانِ، وقوَّةِ اليقينِ والثَّباتِ  .

التَّرغيبُ والحَثُّ على السَّكينة مِن السُّنَّة:

- عن أبي هُرَيرةً رَضيَ اللهُ عنه قال: سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ يَقولُ: ((إذا أُقيمَتِ الصَّلاةُ فلا تَأْتُوها تَسْعَوْنَ، وأْتُوها تَمْشُونَ وعلَيكُم السَّكينةُ، فما أَدرَكْتُم فصَلُّوا، وما فاتَكُم فأَتِمُّوا))  .-

عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما: ((أنَّه دفَعَ مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يومَ عَرَفةَ، فسَمِعَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وراءه زجرًا شديدًا وضربًا وصَوتًا للإبِلِ، فأشار بسَوطِه إليهم وقال: أيُّها النَّاسُ، عليكم بالسَّكينةِ؛ فإنَّ البِرَّ ليس بالإيضاعِ))  .

أقوال السَّلف والعلماءِ في السَّكينة:

- قال عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه: (تعَلَّموا العِلمَ وعَلِّموه النَّاسَ، وتعَلَّموا له الوَقارَ والسَّكينةَ)  .-

وقال ابنُ القَيِّمِ: (السَّكينةُ إذا نزَلَتْ على القلبِ اطْمأنَّ بها، وسَكنَتْ إليها الجَوارحُ وخشَعَتْ، واكتَسبَتِ الوَقارَ، وأَنطَقَتِ اللِّسانَ بالصَّوابِ والحِكمةِ، وحالَتْ بيْنه وبيْن قَولِ الخَنا والفُحشِ واللَّغوِ والهُجْرِ وكلِّ باطلٍ)  .

أقسامُ السَّكينة:

1- عامَّةٌ:

وهي الَّتي تَخُصُّ عامَّةَ الخَلقِ، وهي الَّتي يَجِدُها العبدُ عِندَ القيامِ بوَظائفِ العُبوديَّةِ، وهي الَّتي تُورِثُ الخُشوعَ والخُضوعَ، وجُمعيَّةَ القلبِ على اللهِ، بحيث يؤدِّي عُبوديَّتَه بقلبِه وبدَنِه قانِتًا للهِ عزَّ وجلَّ  .

2- خاصَّةٌ:

وهي الَّتي تَخُصُّ أَتباعَ الرُّسُلِ بحسَبِ مُتابَعتِهم، وهي سَكينةُ الإيمانِ، وهي سَكينةُ تُسكِّنُ القلوبَ عنِ الرَّيبِ والشَّكِّ؛ ولهذا أَنزَلَها اللهُ على المؤْمِنينَ في أصعبِ المَواطنِ أَحوَجَ ما كانوا إليها؛ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [الفتح: 4]،

فذَكَر نعمتَه عليهِم بالجُنودِ الخارجةِ عنهم، والجُنودِ الدَّاخلةِ فيهم؛ وهي السَّكينةُ عِندَ القلقِ والاضْطِرابِ  .

فوائدُ السَّكينةِ:

- السَّكينةُ رِداءٌ يَنزِلُ فيُثبِّتُ القلوبَ الطائرةَ، ويُهدِّئُ الانفعالاتِ الثَّائرةَ.- أنَّ المُتحلِّيَ بها يَمتثِلُ لأمرِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ: ((السَّكينةَ السَّكينةَ))  .-

متى نزَلَتْ على العبدِ السَّكينةُ؛ استقامَ وصلَحَتْ أَحوالُه، وصلَحَ بالُه، وإذا ترحَّلَتْ عنه السَّكينةُ تَرحَّلَ عنه السُّرورُ والأمنُ والدَّعةُ والرَّاحةُ وطِيبُ العَيشِ  .- المُتحلِّي بالسَّكينةِ يَخشَعُ في صَلاتِه؛ لأنَّ السَّكينةَ والخُشوعَ في الوُضوءِ مُقدِّمةٌ للخُشوعِ في الصَّلاةِ.-

أنَّ مِن ثِمارِها مَحبَّةَ اللهِ للعبدِ، ومِن ثمَّ مَحبَّةَ النَّاسِ له.- تَجعَلُ العبدَ قادرًا على تَحمُّلِ المصيبةِ إذا نزَلَتْ.- تَجعَلُ العبدَ قادرًا على امتِصاصِ غضَبِه في المواقفِ الصَّعبةِ.

الوسائل المُعِينةُ على التَّخلُّقِ بخُلُقِ السَّكينةِ:

1- الامتِثالُ لقَولِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ: ((علَيكُم بالسَّكِينةِ))  .

2- مُصاحَبةُ ذَوي الطَّبعِ الهادِئِ؛ ((فالمَرْءُ على دِينِ خَلِيلِه، فلْيَنظُرْ أَحَدُكُم مَن يُخالِلُ))  .

3- القراءةُ في كُتُبِ السِّيرةِ النَّبويَّةِ.

4- معرفةُ فوائدِ السَّكينةِ وآثارِها.

5- التَّحلِّي بالصَّبرِ.

نماذجُ في السَّكينة:

- كان صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ مِن خُلُقِه السَّكينةُ الباعثُ على الهَيبةِ والتَّعظيمِ، الدَّاعيةُ إلى التَّقديمِ والتَّسليمِ، وكان مِن أَعظَمِ مَهيبٍ في النُّفوسِ حتَّى ارتاعَتْ رُسُلُ كِسْرى مِن هَيبتِه حين أَتَوْه مع ارتياضِهم بصَولةِ الأَكاسِرةِ، ومُكاثَرةِ المُلوكِ الجَبابِرةِ، فكان في نُفوسِهم أَهْيَبَ، وفي أَعيُنِهم أَعظَمَ، وإنْ لم يَتعاظَمْ بأُهْبةٍ، ولم يَتطاوَلْ بسَطْوةٍ، بل كان بالتَّواضُعِ مَوصوفًا، وبالوِطاءِ مَعروفًا  .- وكان الإمامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ مُتَّصِفًا بالسَّكينةِ والوَقارِ، فعن المَرُّوذيِّ، قال: (لم أَرَ الفقيرَ في مَجلِسٍ أَعَزَّ منه في مجلسِ أحمدَ؛ كان مائِلًا إليهم، مُقصِّرًا عن أهلِ الدُّنيا، وكان فيه حِلمٌ، ولم يكُنْ بالعَجولِ، وكان كثيرَ التَّواضُعِ، تَعْلُوه السَّكينةُ والوَقارُ، وإذا جَلَس في مَجلِسِه بعدَ العَصرِ للفُتْيا، لا يَتكلَّمُ حتَّى يُسألَ، وإذا خَرَج إلى مَسجِدِه لم يَتصدَّرْ)  .